محاكم التفتيش

في عام 1480م قام فرديناند وإيزابللا بإنشاء محاكم التفتيش، التي كانت تقوم بسجن أو قتل الأشخاص الذين يُشتبه فيهم أنهم مسلمون . واستمرت محاكم التفتيش لأكثر من 300 سنة. وكان رجال ديوان مجمع قضاة الإيمان الكاثوليكي (محاكم التفتيش) ينظرون إلى ممارسة الشعائر الإسلامية أو حتى مجرد الاتجاه إلى الكعبة لأداء الصلاة أو الصوم على أنه جريمة يعاقب عليها بالموت.

وبعد عام 1502م، كان من تبقى من المسلمين الذين غُلبوا على أمرهم ودخلوا النصرانية، مكرهين، يتظاهرون بقبولهم لهذا الدين الجديد، فكانوا يترددون على الكنائس والأديرة لكي يشاهدهم الأسبان ويرضوا عنهم. غير أنهم استمروا في ممارسة شعائرهم الدينية سرًا أيام الجمعة، وكانوا يؤدون فرائض الصلاة داخل بيوتهم بحذر شديد، وكانوا يغلقون على أنفسهم بيوتهم أيام الأحد من كل أسبوع، موهمين الطرف الآخر بأنهم يذهبون إلى الكنيسة. وقد بلغ الحد بأن أُخذ أبناء المسلمين ممن هم بين 5 – 12 سنة من العمر ليربوا تربية خاصة في المعاهد النصرانية ويُزرع في قلوبهم التعصب ضد ذويهم المسلمين، وبعد نضجهم يستخدمون أدوات للتجسس عندما يُعادون إلى أهاليهم، ليخبروا بكل صغيرة وكبيرة تدور في بيوت آبائهم.

كذلك بدأ فرديناند وإيزابللا في الثمانينيات من القرن الخامس عشر الميلادي في طرد المسلمين من غرناطة. بعد توقيع معاهدة غير متكافئة مع أبي عبدالله الصغير، آخر ملوك غرناطة بتاريخ 21 محرم 897هـ، الموافق 25 نوفمبر 1491م. وهي معاهدة ـ رغم ما فيها من إجحاف، إلا أنها ضمنت للمسلمين في الأندلس ممارسة حريتهم ولغتهم وشعائرهم الدينية وأنظمتهم وعاداتهم، باستثناء حمل الذخائر الحربية. ولكن الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابللا نكثا بالمعاهدة ونقضا الشروط التي أقسما على تنفيذها إلى أجل غير مسمى؛ فقاما بتعيين أحد الكرادلة لملاحقة المسلمين وخاصة العائلات المسلمة ذات الأصول الأسبانية وإِساءة معاملتهم وتشريد الكثيرين منهم وحملهم على التنصير القسري، وحُظر عليهم كل ما لهم من حقوق بموجب المعاهدة المذكورة، مما دفع بالمسلمين أن يقوموا بانتفاضات كان من أبرزها انتفاضة البيازين عام 1499م وثورة البشرات عام 1501م.

ولم يكتف الملكان الكاثوليكيان فرديناند وإيزابللا بذلك، بل صدر أمرهما بإحراق مليون وخمسمائة ألف كتاب ديني، منها وثائق ومخطوطات تتعلق بالتراث الإسلامي. وهزمت قواتهما المسلمين سنة 1492م. وفي تلك السنة نفسها تم طرد آخر اليهود الأسبان الذين لم يتحولوا إلى الكاثوليكية، من البلاد. لكن بعض اليهود الذين كانوا قد تحولوا إلى الكاثوليكية كانوا يمارسون الطقوس اليهودية في السر. واستمر هذا الوضع لأجيال. واستولى فرديناند على مملكة نافاري الصغيرة عام 1512م ليستكمل اتحاد أسبانيا.

 

عن عبد الله

المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع الجزائر 48

شاهد أيضاً

نفس اليهود الطويل، وعملهم الدؤوب

سبعون سنة مضت .. واليهود يجوبون آفاق الأرض كلها .. من أقصاها إلى أقصاها .. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *