تيزي وزو: محسنون يشيّدون فيلا لثلاثة أيتام

نظم سكان قرية أذرار ببلدية أغريب بتيزي وزو عملية تضامنية قلّ نظيرها، فقد شيدوا بيتا فاخرا لعائلة معوزة تتكون من 3 أيتام قصّر ووالدتهم، وأخرجوا أفراد هذه الأسرة من الجحيم نحو بيت فاخر لم يكونوا يحلمون به. قد يصعب على زائر قرية أذرار أن يصدق أن بيتا فاخرا يحوي محلين سيصبح في الأسبوع القادم ملكا لثلاثة أيتام، غدر الموت بوالدهم في ريعان شبابه بعد معاناته مع المرض، لكن هؤلاء الأيتام وجدوا من شباب القرية خير خلف لخير سلف، فكانوا سندا لهم، فباشروا عملية تطوعية سرعان ما صدح صداها في القرى المجاورة، وحتى خارج الولاية، فانخرط محسنون في مساعدة الأيتام، حيث سينشئون في بيت يتوفر على ظروف معيشة ليست في متناول كل الناس. ولم يكتف المحسنون وسكان القرية بتشييد منزل لهذه العائلة، بل أضافوا محلين في الطابق الأرضي “حتى يكون مصدر رزق لهؤلاء الأيتام”. مجيد تشاعتشي ومحفوظ إبوشوكان، شابان من القرية تكفلا بمتابعة العملية وتأطيرها من بدايتها قبل عامين، إلى غاية الانتهاء الكلي للأشغال، وصولا إلى عرس ختان صغير العائلة الذي سينظم في 30 من الشهر الجاري. وروى الشابان أن وضعية العائلة بعد وفاة الوالد “جعلتنا نفكر أنه من واجبنا القيام بشيء ما تجاه هؤلاء الأيتام، فتم إيداع ملف الاستفادة من الإعانة في إطار البناء الريفي”، وهو الملف الذي يعترف محدثانا أن مصالح البلدية سهلت إجراءات تمريره “إلا أن مبلغ تلك الإعانة لا يمكّن العائلة التي لا يتجاوز دخلها الشهري 7000 دينار من امتلاك مسكن”.

وقد شرع سكان القرية في التشييد، والكل يساهم بما استطاع ماديا أو بالمجهود البدني “حيث أن المسكن تم إنجازه ولم يصرف سنتيم واحد على اليد العاملة، بل الأشغال كلها تمت من طرف متطوعين من القرية ومن خارج القرية، بل وحتى من خارج الولاية”، واتصل كل واحد من سكان القرية بمعارفه وأصدقائه خارج القرية طلبا للمشاركة في هذه العملية التضامنية، إذ أن مواد البناء كانت ترسل إلى المكان مجانا، والعديد من تجار مواد البناء بالمنطقة ساهموا دون تردد عندما علموا أن الأمر يتعلق بأيتام صغار.

ويواصل مجيد ومحفوظ سرد مشوار العملية، فقد أقدم بعض من شباب القرية على الإعلان عن العملية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما أعطى لها صدى كبيرا “فانهالت علينا مساعدات من محسنين لا نعرفهم في الوجه إلى اليوم، والأغلبية من المحسنين اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم، وفضلوا أن ما تصدقت به اليد اليمنى يبقى لا تعلم به اليد اليسرى”.

ولإنجاز المسكن، كان لا بد من يد عاملة أحيانا يجب أن تكون مختصة، إلا أن ذلك لم يكن عائقا، فقد تطوع جميع المختصين في أشغال البناء حتى من خارج الولاية، كل في اختصاصه، بالمساهمة في هذا المشروع الخيري. ويقول محدثانا إن بعض المراحل من البناء كانت تستدعي يدا عاملة مكثفة، فكانت العملية تتم على شكل حملة تطوعية أو ما يعرف بالمنطقة بـ “التويزة”، إذ شارك فيها مواطنون من القرى والبلديات المجاورة بأعداد تجاوزت 150 عامل في اليوم الواحد، وهو ما عجّل بإتمام المشروع.

وحسب منظمي العملية، فإن اتصالات المحسنين لا تزال تهطل عليهما، “إلا أننا نرد عليهم بالشكر والامتنان، كون العملية أتت على نهايتها”، وحتى التجهيزات التي تحتاج إليها العائلة وصلت، ويعتقد مجيد ومحفوظ أن ما قاما به رفقة سكان القرية “لم يكن إلا واجبا تفرضه الإنسانية، هدفنا أن عائلة خرجت من الجحيم، نحن مستعدون للمشاركة في مثل هذه العمليات في أي قرية وفي أي مكان.. هذه العملية ليست الأخيرة، أملنا أن تعمم مثل هذه المبادرة، فالمحسنون كثيرون والتطوع وحب المشاركة في مثل هذه الأمور موجودة لدى الناس”.

من جهتهم، عبّر الأيتام ووالدتهم عن امتنانهم لسكان القرية ولكل المحسنين الذين ساهموا في هذا المشروع الخيري، كما لم يخفوا فرحتهم بهذا الإنجاز الذي سيخرجهم من معاناتهم نحو مسكن تتوفر فيه كل شروط الحياة الكريمة. حفل ختان للصغير الأسبوع المقبل وسينظم سكان القرية، في 300 ديسمبر الجاري، حفل ختان لصغير العائلة الذي تركه والده وعمره لا يتعدى الشهرين، ويتزامن الحفل مع دخول هذه العائلة بيتها الجديد، حيث يريد سكان القرية أن يحضر هذا الحفل جميع المحسنين الذين ساهموا في العملية حتى يروا المشروع الخيري الذي شاركوا في إنجازه، وحتى يشاركوا الصغير “أنيس” عرسه.

المصدر: الخبر

عن عبد الله

المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع الجزائر 48

شاهد أيضاً

بعد سنين من الخلاف.. مولودية الجزائر والسياسي يعلنان الصلح – النهار أونلاين

نشر رئيس مولودية الجزائر حاج رجم محمد كمال صورة عبر منصة “إكس” اليوم الخميس، جمعته …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *