الجزائريون يشربون قهوة مسببة للسكري والسرطان

يستهلك المواطن الجزائري القهوة بشكل كبير في يومياته، حيث تعتبر من أساسيات مطبخه التي لا يستغني عنها، وتحتل الجزائر المرتبة 38 عالميا في استهلاك القهوة من بين 131 دولة دخلت في الترتيب، لكن الكثير من الخبراء والمختصون يحذرون من رداءة نوعية القهوة التي يشربها المستهلك الجزائري بسبب إضافة السكر إلى بودرة القهوة أثناء عملية التصنيع، وهو ما يجعل المستهلك عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض في مقدمتها السكري و السرطان.

تحرت في الموضوع، واتصلت بمختصين في المجال، حيث وضحوا لنا مدى خطورة، إضافة مادة السكر إلى القهوة أثناء عملية التصنيع، خاصة أن الجزائري يستهلك بشكل واسع مادة القهوة.

منظمة “فاو” الدولية تحذر الجزائر من مخاطر مادة “الأكريلاميد”

كشفت وثيقة صادرة عن منظمتي الصحة العالمية ومنظمة الأغذية الزراعية التابعة للأمم المتحدة “فاو”، أن الارتفاع الوبائي لحالات الإصابة بالسرطان في الجزائر يعود إلى استهلاك الجزائريين لأنواع رديئة من القهوة تمزج بالسكر الأبيض وحرقها بدرجات حرارة عالية تفوق 120 درجة مئوية، وهو المستوى الذي يسبب التفحم التام للسكر الأبيض الممزوج بالقهوة التي تتحول إلى مادة شديدة السواد بفعل تحول السكر المحترق إلى مادة “الأكريلاميد” وهي المادة التي تتسبب بشكل رئيسي في مرض السرطان. وكشفت نفس الدراسة التي أشرف على إعدادها خبراء من المنظمتين، أن مادة “الأكريلاميد” مضرة بصحة الإنسان، حيث تستعمل في العادة لإنتاج البلاستيك والغراء والورق والعطور وكذلك في بناء السدود والأنفاق، قبل أن يتم استعمالها في مختلف أنواع الأغذية الطبيعية التي تتوفر على كميات عالية من السكر أو تلك التي يضاف إليها السكر بطريقة متعمدة لسبب من الأسباب في محاولة من الشركات المنتجة للأغذية لتحقيق الربح السريع، وهو ما تقوم به أغلب شركات إنتاج القهوة في الجزائر، مستغلة جهل المستهلكين بمخاطر استهلاك مادة “الأكريلاميد” المسببة للسرطان.

35 عالما من 15 دولة لتحديد الأغذية البشرية التي تحتوي “الأكريلاميد”

كما تشير الوثيقة التي تحمل موقف صريح وقوي للمركز الدولي لأبحاث السرطان (CIRC) أن الاستهلاك البشري لمادة “الأكريلاميد” يسبب السرطان لدى الإنسان الذي يستهلكها، وهو الموقف الذي دفع بمنظمتي الصحة العالمية والأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” إلى وضع مشروع “هايتوكس” الذي يتضمن شبكة دولية تضم 35 عالما من كبار الباحثين ينحدرون من 15 دولة، لتحديد أنواع الأغذية البشرية التي تحتوي على مادة “الأكريلاميد”، حيث توصل العلماء المشاركون في الدراسة إلى أن المادة المذكورة تتكون عند حرق الأغذية الغنية بالسكريات، مثل حرق الخبز المجفف أو تحميص القهوة أو قلي البطاطا و«الشيبس”. وأظهرت الدراسة التي أجريت على مجموعة من النساء تمت إصابتهن بسرطان الثدي ونشرت في المجلة العملية الدولية المتخصصة “جورنال أوف كونسير”، أن معدلات “الأكريلاميد” كانت مرتفعة في دمائهن، حيث تم على أساس هذه النتائج توجيه توصيات من المنظمات المشار إليها إلى السلطات الصحية في الدول الأعضاء في المنظمتين إلى منع مزج القهوة بالسكر ومنع حرق الأغذية قبل استهلاكها من أجل الحد من الإصابة بالسرطان. وتوجد الجزائر على رأس الدول التي تم تحذيرها بصورة صريحة بعد اكتشاف القائمين على الدراسة للاستعمال الواسع النطاق لمزج القهوة بالسكر في الجزائر. وطالبت المنظمتان الحكومة والسلطات الصحية في الجزائر بالتدخل العاجل لمنع العملية التي تسببت في رفع معدلات الإصابة بالسرطان إلى دراجات وبائية، حيث بلغ عدد الإصابات الجديدة سنويا 50 ألف حالة منذ 2006، مؤكدتين أنها توصلت إلى معطيات سرية دقيقة تشير إلى أن الشركات المنتجة للقهوة “الاقتصادية” حسب تعريف أصحابها، يمزجون القهوة بمعدلات عالية من السكر الأبيض تصل إلى 30 % بغرض إخفاء الذوق السيئ للبن المستورد.

رئيس جمعية مرضى السكري: تحدثنا عن المشكل أكثر من مرة دون جدوى

حذر أوحدة فيصل، رئيس جمعية مرضى السكري بالجزائر، في تصريح لـ«لبلاد”، من مخاطر إضافة مادة السكر إلى بودرة القهوة، من طرف مصنعي القهوة في الجزائر، حيث واصل الشرح قائلا “كل 100 كلغ من القهوة التي تكون على شكل حبوب في المصانع، عندما يتم طحنها تقل إلى 80 كلغ، وهذا ما يجعل معظم القائمين على تصنيع هذه المادة الأساسية بالنسبة للجزائريين يقومون بتعويض الوزن الناقص بإضافة السكر المدعم، وهو ما يجعل نسبة السكر في القهوة ترتفع، والمشكل أنها تصبح على شكل “كراميل”، مما يتسبب للمستهلكين في الإصابة بارتفاع احتمال الإصابة بمرض السكري، بل قد يؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان”.
وقال أوحدة إن جمعية مرضى السكري بالجزائر العاصمة، قد حذرت من مخاطر هذه العملية، في العديد من المناسبات والندوات التي نظمتها، كما أكد ذات المتحدث على الدور الذي يجب أن تقوم به على الوزارة الوصية من أجل حماية المستهلك الجزائري الذي لا يزال غافلا عن مثل هذه القضايا.

حسن منوار (جمعية حماية المستهلك): الملف تم إهماله في وزارة التجارة

صرح حسن منوار رئيس جمعية الأمان لحماية المستهلك ونائب رئيس الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك، لـ«لبلاد”، أن هناك مخاطر جمة يشكلها زيادة السكر إلى بودرة القهوة، وهو ما يضر بصحة المستهلك، حيث أوضح ذات المتحدث قائلا “يضيف المصنعون مادة السكر لكونها رخيصة مقارنة بالقهوة، وذلك من أجل تحسين الذوق وربح المال، وهذا ما يجعل نسبة السكر مرتفعة في القهوة، حيث تؤثر على مرضى السكري، وحتى على الأشخاص غير المصابين، حيث يكونون عرضة للإصابة بمرض السكري، كما أن حرق السكر أثناء عملية التحضير يشكل مادة “الكراميل”، وهو ما يتسبب في خطر الإصابة بالسرطان”. وأضاف ذات المتحدث في رد على سؤال الجهود التي تبذلها الجمعية للتحسيس بمخاطر هذه العملية، أن الجمعية راسلت وزارة التجارة في الفترة التي كان فيها الوزير الأسبق بختي بلعايب على رأس الوزارة، حيث نظم اجتماع للفاعلين في القطاع وأمر بالتحقيق في القضية، لكن الملف تم إهماله منذ مغادرة الوزير الأسبق للوزارة ووفاته. وأضاف في السياق أن المستهلك الجزائري يتحمل جزءا من تبعات هذه المشكلة، لأنه غافل عن هذه المخاطر وعن حقوقه، حيث نادرا ما يقدم مواطن شكوى أن لم يتعلق الأمر بوفاة أو حادث تسمم خطير، لهذا فالمستهلكون غافلون عما تسببه هذه العملية من مخاطر على صحتهم، وعادة ما يركز المستهلك الجزائري على الذوق فقط حين يتعلق الأمر باستهلاكه للقهوة.

أخصائي التغذية: القهوة مادة صحية وأي إضافات تفقدها قيمتها

ذكر كريم مسوس، أخصائي التغذية، أن القهوة كمادة غذائية تعتبر صحية، لأنها غنية بمضادات الأكسدة، وهي مفيدة للقلب ولصحة الشرايين، لكن الإضافات غير الصحية تجعل من القهوة مادة غير صحية بالمفهوم الواسع للكلمة. كما أضاف ذات المتحدث “مزج مادة السكر ببودرة القهوة يضر بصحة المستهلك بشكل كبير، كما أن الكثير من المستهلكين يضيفون كمية كبيرة من السكر، وهذا يجعل من القهوة مادة غير صحية بالكامل”. كما حذر المختص في التغذية من الإسراف في استهلاك القهوة، وهي عادة الكثير من الجزائريين، وأضاف “شرب القهوة بعد الوجبات مباشرة أمر غير صحي، لأن وجود مادة الكافيين في القهوة يساهم في تقليص امتصاص الجسم للحديد، وهو ما يؤثر على مرضى فقر الدم، وننصح بتناول فنجان قهوة بعد حوالي ساعتين من تناول الوجبات الرئيسية”.

عن عبد الله

المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع الجزائر 48

شاهد أيضاً

“بالفيديو” كهوف وأنفاق مرعبة.. اكتشاف أعمق ثقب أزرق تحت الماء في العالم

قال باحثون إن ثقب “تام جا” الأزرق في المكسيك هو أعمق حفرة تحت الماء في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *