هكذا ستكون الأسعار في 2017

أيام قليلة فقط تفصل الجزائريين عن مرحلة جديدة في تاريخهم، سيكتشفون فيها تدريجيا أثر انكشاف غطاء الدعم على حياتهم اليومية وارتفاع مستويات الضرائب والرسوم على أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، وسيشعرون بوطأة انخفاض الدينار الذي يعيش في السنوات الأخيرة، ما يشبه “تعويما” سريا رغم نفي البنك المركزي الجزائري لذلك.
فرضا أن مواطنا جزائريا يتقاضى 3 مرات الأجر القاعدي المضمون، أي أن راتبه في حدود 54 ألف دينار. عندما ينهض هذا المواطن المصنف ضمن الطبقة المتوسطة، باكرا صباح يوم 1 جانفي 2017.. كيف سيكون يومه؟ أول ما عليه فعله هو ملء خزان السيارة من الوقود، وفي هذه الحالة سيكون عليه دفع حوالي 1400 دج مع سعر البنزين الجديد بدل 1200 دج، لأن سعر البنزين الممتاز الذي يستعمله، سيقفز من 31.42 إلى 35.47 دينارا، أي بأربعة دنانير إضافية، وهي نفس الزيادة تقريبا إذا قرر أن يملأ الخزان بالبنزين دون رصاص الذي سيصل سعره إلى 35.08 بدل 31.02 دينارا الحالية. وحتى وإن قرر التخلص من سيارته التي تسير بالبنزين، وشراء أخرى تسير بالمازوت، فإنه سيضطر لدفع حوالي 60 دينارا إضافية لملء الخزان.
يسير هذا المواطن بعدها إلى السوق للتبضّع، وقد كان في السابق يدفع ما قيمته 500 دينار بين خضر وفواكه ومعلبات وغيرها من حاجيات الأسرة الغذائية. بفعل الرسم على القيمة المضافة الجديد، سيضطر إلى دفع 2 بالمائة إضافية، سواء تعلق الأمر بالمواد التي تفوتر بالقيمة المخفضة للرسم (7 أصبحت 9 بالمائة) أو بقيمته العادية (17 أصبحت 19 بالمائة). وحينها سيكون عليه تقريبا دفع حوالي 20 دينارا إضافية. يمر بعدها إلى اللحام وسيكون عليه أيضا دفع 20 إلى 30 دينار إضافية. وفي كل الحالات، قد يضيف الزيادة في هذا الرسم نحو 100 دينار في مصاريفه اليومية.
ابتلي هذا الجزائري بالتدخين، وهو يستهلك نحو نصف علبة سجائر يوميا من نوع مالبورو، كان يدفع يوميا 270 دينار للعلبة وسيضطر لتسديد ثمنها بـ310 دينار بعد اعتماد الرسم الجديد. ولحسن الحظ أنه لا يتعاطى المشروبات الكحولية، وإلا لكان أضيف له نحو 10 بالمائة من الرسوم الإضافية التي فرضت على هذه المواد.
أراد هذا المواطن تمضية عطلته السنوية في تونس، هو وأفراد عائلته الأربعة، سيكون عليه استخراج جوازات سفر لكل منهم، وبالتالي دفع 24 ألف دينار قيمة الدمغة الخاصة بالجوازات البيومترية العادية، أما إذا أراد جوازات من الفئات الخاصة، فسيضطر إلى دفع 100 ألف دينار. وفي حال قرر السفر بسيارته، فإنه حتما سيغير بعضا من عجلاتها التي وصلت إلى حالة اهتراء، وسيضطر لدفع 450 دينار كرسم جديد فرض على عجلات السيارات.
لكن قبل السفر الذي مازال موعده بعيدا في الصيف، يريد أيضا هذا الجزائري أن يقتني بعض الأجهزة الكهرومنزلية لبيته، وهو مولع بماركات معينة معروف عنها جودتها، سيضطر حينها لدفع 30 بالمائة إضافية فوق سعر الثلاجة أو آلة الطبخ، كما أرادت الحكومة في قانون المالية الجديد. الطريف أنه عندما يريد التشاور مع صديقه التاجر الذي لديه خبرة بأثمان الآلات التي شاهدها في المعرض، فإنه لن يجد الرصيد المجاني في الهاتف الذي يمكنه من ذلك، فمتعاملو الهاتف النقال قد يوقف بعضهم جانبا من عروضه الترويجية الخاصة بالمكالمات المجانية، بعد الرسم الجديد على الشحن المعتمد.
شيئا فشيئا سيلاحظ هذا المواطن أن راتبه يتآكل بسرعة فور استلامه في بداية الشهر، سيخمن في اللجوء إلى قروض البنوك لتمويل بعض ما وعد به أفراد عائلته في السابق، لكنه بهذه الطريقة سيضيف أعباء الفوائد على كاهله، وسيصير أمر تسديدها مستحيلا، حينها لن يفكر إلا في التضحية بكثير من الحاجيات التي اعتاد على استهلاكها، ولن يختلف حينها واقعه عما سيعيشه ملايين الجزائيين.
هذا الواقع سيجعل الحكومة في مواجهة مطالب حتمية برفع الأجر القاعدي المضمون، لأنه سيصير من دون معنى بقيمته الحالية 18 ألف دينار. ويقول فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، وهو المقرب من الحكومة، إنه “في ظل الغلاء المستشري في السلع والخدمات غير المدعمة، نحن نعتقد أن هذا الأجر ينبغي أن يرفع من 18 ألف دينار حاليا إلى 30 أو 35 ألف دينار على الأقل، حتى يضمن الجزائري عيشة مقبولة”.
لكن هذه الزيادة في الظرف الحالي الذي تبحث فيه الحكومة النجاة من ورطتها المالية، تبدو مستحيلة. بل إن الحكومة بسياسة تخفيض الدينار المتبعة منذ سنوات، ستجعل من واقع الجزائريين أكثر إيلاما. ففي الواقع تمارس عملية “تعويم” للدينار، أي تحرير، لصرفه تدريجيا على مستوى البنك المركزي، دون الإفصاح عن ذلك علانية، وإلا كيف يتم تفسير فقدان العملة الوطنية 40 بالمائة من قيمتها في ظرف سنتين بتقدير الخبراء.
وبهذه الطريقة، سيكون على الجزائريين دفع ضريبة خفية ضخمة جدا في كل أنواع السلع والخدمات المستوردة، ناهيك عن الرسوم المدرجة حاليا بشكل رسمي على مختلف السلع. وبذلك ستكون العقوبة مضاعفة على الجزائريين الذين سيتحملون لوحدهم تبعات فشل كل السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة منذ عدة سنوات.

المصدر: الخبر

عن عبد الله

المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع الجزائر 48

شاهد أيضاً

تصفيات كأس العالم 2026: الفيفا تجري تعديلًا في طاقم التحكيم لمباراة الجزائر – غينيا

 أعلنت الفيفا عن تغيير حكمين (الحكم الرئيسي والحكم الرابع) من طاقم التحكيم المعين لإدارة مباراة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *