الفيلسوف الأميركي فرانسيس فوكوياما : إليكم ما سيحدث في عهد ترامب

اعتبر الفيلسوف والأستاذ الجامعي الأميركي، فرانسيس فوكوياما، أن فترة رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة الأميركية، “ستؤذن بانتهاء العهد الذي كانت فيه الولايات المتحدة تشكل رمزا للديمقراطية نفسها في أعين الشعوب التي ترزح تحت حكم الأنظمة السلطوية في مختلف أرجاء العالم”.

وحذر فوكوياما في مقال نشرته صحيفة (ذي فاينانشال تايمز)، من مواقف الرئيس الأميركي الجديد من منظومة الأمن الدولي، موضحا أنه (ترامب) قومي حين يتعلق الأمر بالسياسة الاقتصادية وكذلك فيما يتعلق بالنظام السياسي العالمي، مشيرا إلى أنه صرح بوضوح أنه سيسعى لإعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية الحالية مثل (النافتا) وربما أيضاً منظمة التجارة العالمية.

وأوضح أن ترامب إذا لم يحصل على ما يريد، فهو على استعداد للنظر في الخروج من هذه الاتفاقيات والتحلل من التزاماتها، مشيرا إلى إعجابه بـ “الزعماء الأقوياء”، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذين يحصلون على النتائج التي يريدون بفضل الفعل الحاسم.

وبين الفيلسوف الأميركي أن ترامب أقل شغفا بحلفاء أميركا التقليديين مثل زعماء دول الناتو أو اليابان وكوريا الجنوبية، الذين يتهمهم بالركوب على ظهر الولايات المتحدة الأميركية والتطفل على نفوذها وقوتها. وهذا يمكن أن يفهم منه أن دعمه لهؤلاء سيكون مشروطا بإعادة التفاوض على الترتيبات القائمة حاليا والخاصة بالتحمل المشترك للأعباء والتكاليف.

وقال فوكوياما في إطار تحذيره من مواقف ترامب : “كان نظام التجارة والاستثمار المفتوح يعتمد في بقائه واستمراره  –  تقليديا -  على قوة الولايات المتحدة الأميركية وعلى نفوذها المهيمن، ولكن إذا ما بدأت الولايات المتحدة بالتصرف بشكل أحادي لتغيير شروط الاتفاقيات المبرمة بينها وبين الدول الأخرى فلن يتورع كثير من اللاعبين الأقوياء حول العالم عن الانتقام، ما سيشعل شرارة انهيار اقتصادي شبيه بذلك الذي وقع في ثلاثينيات القرن العشرين”.

وحذر من موقف ترامب تجاه روسيا، مبينا انه لم يصدر منه أي موقف ينتقد فيه بوتين، “هذا بالإضافة إلى ما ذكره من أن استيلاء بوتين على شبه جزيرة القرم ربما كان مبرراً. وأخذاً بالاعتبار جهله العام بمعظم جوانب السياسة الخارجية”.

ولم يستبعد فوكوياما أن يكون بوتين يمارس ضغطا على ترامب، قائلا: “إن استمرار ترامب بشكل دائم في الحديث عن روسيا تحديدا يمكن أن يستنتج منه بأن بوتين يمارس عليه نفوذا خفيا من نوع ما، ربما من باب الشعور بالمديونية والامتنان لمصادر روسية معينة مقابل الحفاظ على استمرارية امبراطوريته التجارية”.

وفسر تصويت الأميركيين لصالح دونالد ترامب باعتباره انتقالا من خندق إلى آخر، من معسكر الليبرالية العالمية إلى معسكر القومية الشعبوية، مضيفا “لم يكن مصادفة أن حاز ترامب على دعم قوي من قبل زعيم حزب الاستقلال البريطاني نايجيل فاراج، ولم يكن مستغربا إذ ذاك أن يكون أول من أتصل به مهنئا بالفوز زعيمة الجبهة القومية في فرنسا ماري لو بان”.

وتساءل فوكوياما عما سيفعله ترامب عندما يكتشف أن البلدان الأخرى لن تقبل بإعادة التفاوض على المواثيق التجارية أو الترتيبات الائتلافية نزولاً عند شروطه؟ هل سيقبل بأفضل صفقة يمكنه أن يتوصل إلى إبرامها أم أنه بكل بساطة سيولي الادبار؟

وتابع أن ترامب ينزع نحو الانعزالية من كونه شخصا تواقا لاستخدام القوة العسكرية حول العالم، موضحا أنه قد يسير على نهج سلفه أوباما فيما يتعلق بالأزمة السورية.

وقال إن التحدي الأكبر الذي يواجه الديمقراطية الليبرالية اليوم ينبع من الداخل في الغرب، اي في الولايات المتحدة الأميركية وفي بريطانيا وفي أوروبا وفي عدد آخر من البلدان، وليس من “القوى السلطوية السافرة” مثل الصين”.

وأضاف أن وعود ترامب بأن “يعيد لأمريكا مكانتها”، جعل العمال المنضوين في النقابات المهنية، والذين كانوا قد تلقوا ضربة موجعة بسبب تراجع المشاريع الصناعية، يصوتون له، مشبها ذلك بما حدث عند التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

واستدرك فوكوياما بأن القومية الشعبوية ظاهرة أوسع من ذلك بكثير، “خذ على سبيل المثال فلاديمير بوتين، الذي ما يزال فاقدا للشعبية في أوساط الناخبين المثقفين في المدن الكبيرة مثل سانت بطرسبورغ وموسكو، ولكنه يتمتع بقاعدة شعبية عريضة وضخمة في باقي أرجاء البلاد. ونفس الشيء ينطبق على الرئيس التركي طيب رجب إردوغان، الذي يحظى بدعم قاعدة شعبية واسعة في أوساط الطبقة المتوسطة والدنيا المحافظة، وينسحب نفس الأمر على رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي يحظى بالشعبية في كل مكان إلا في العاصمة بودابست”.

# عن الفيلسوف فرانسيس فوكوياما

يوشيهيرو فرانسيس فوكوياما كاتب ومفكر أميركي الجنسية من أصول يابانية، ولد في مدينة شيكاغو الأميركية عام1952.

يعد من أهم مفكري المحافظين الجدد. من كتبه “نهاية التاريخ والإنسان الأخير” و”الانهيار العظيم والثقة”.

يعتبرفوكوياما واحدا من الفلاسفة والمفكرين الأميركيين المعاصرين، فضلا عن كونه أستاذا للاقتصاد السياسي الدولي ومديرا لبرنامج التنمية الدولية بجامعة جونزهوبكنز، ويعمل حاليا بمركز الأبحاث حول الديمقراطية والتنمية وسيادة القانون بجامعة ستانفورد- كاليفورنيا.

تخرج فوكوياما من قسم الدراسات الكلاسيكية في جامعة كورنيل، حيث درس الفلسفة السياسية على يد ألن بلووم Allen Bloom ، بينما حصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد، حيث تخصص في العلوم السياسية.

وفضلا عن التدريس الجامعي عمل بوظائف عديدة كان ابرزها مستشارا في وزارة الخارجية الأميركية.

في عام 1989 كان قراء دورية (ناشيونال انترست) على موعد مع مقالة (نهايةالتاريخ) التي أحدثت رجة فكرية، حيث جاء فيها : “إن نهاية تاريخ الاضطهاد والنظم الشمولية قد ولى وانتهى إلى غير رجعة مع انتهاء الحرب الباردة وهدم سور برلين، لتحل محلها الليبرالية وقيم الديمقراطية الغربية”.

وقد أضاف وشرح فوكوياما نظريته المثيرة للجدل في كتاب صدر عام 1992 بعنوان “نهاية التاريخ والإنسان الأخير”.

وقد قصد فوكوياما أن يعارض فكرة نهاية التاريخ في نظرية كارل ماركس الشهيرة ” المادية التاريخية “، والتي اعتبر فيها أن نهاية تاريخ الاضطهاد الإنساني سينتهي عندما تزول الفروق بين الطبقات.

كما تأثر فوكوياما في بناء نظريته بآراء الفيلسوف الشهير “هيغل” و أستاذه الفيلسوف “ألان بلوم”، حيث ربط كلاهما بين نهاية تاريخ الاضطهاد الإنساني واستقرار نظام السوق الحرة في الديمقراطيات الغربية.

لفترة طويلة ، وقبل أن يغير مواقفه، اعتبر فرانسيس فوكوياما واحدا من منظري المحافظين الجدد حيث أسس هو ومجموعة من هؤلاء في عام1993 مركزا ًللبحوث عرف آنذاك بمشروع القرن الأميركي ، وقد دعا هو ورفاقه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون إلى ضرورة التخلص من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وقد عبر فوكوياما في مقالاته ومؤلفاته في السنوات الأخيرة عن قناعته بأنه على الولايات المتحدة أن تستخدم القوة في ترويجها للديمقراطية ، ولكن بالتوازي مع ما أطلق عليه نموذج ديبلوماسية نيلسون الواقعي. حيث اعتبر أن استخدام القوة يجب أن يكون أخر الخيارات التي يتم اللجوء إليها ، ملمحا إلى أن هذه الإستراتيجية تحتاج المزيد من الصبر والوقت. واعتبر أن التركيز على إصلاح التعليم ودعم مشاريع التنمية يمنحان سياسة الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية أبعادا شرعية.

المصدر: القدس

عن عبد الله

المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع الجزائر 48

شاهد أيضاً

الاتحاد الأوروبي يبدي “قلقه” إزاء موجة توقيفات في تونس ويطلب “توضيحات” من السلطات

أبدى الاتحاد الأوروبي الثلاثاء “قلقه” إزاء موجة التوقيفات الأخيرة في تونس التي شملت عدة شخصيات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *