الحركى والأقدام السوداء يهاجمون ماكرون

تراجع مرشح الانتخابات الرئاسية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، جزئيا، عن تصريحاته بخصوص جرائم الاستعمار الفرنسي بالجزائر، وقال إنها “جرائم ضد الإنسان وليس جرائم ضد الإنسانية”. وصدرت هذه التصريحات خلال تجمع له بمدينة تولون (جنوب فرنسا) التي تعد معقل اليمين المتطرف في فرنسا وموطنا لكثير من الأقدام السوداء الموالين للجبهة الوطنية. وتوجه ماكرون في خطابه باعتذار إلى فئة الفرنسيين الذين شعروا بأنهم مسوا في كرامتهم، إثر تصريحاته بالجزائر بخصوص الماضي الاستعماري لبلاده، مستعملا كلمة مشهورة وجهها مؤسس الجمهورية الخامسة شارل ديغول للجزائريين والمعمرين في 1958 “لقد فهمتكم”. وقال “أعرف أني جرحت مشاعرهم، إني آسف، ما كنت أقصد ذلك”. وتعرض مرشح الرئاسة لتحرش أنصار “الجزائر الفرنسية” والحركى، تجمهروا أمام قاعة التجمع الذي نظمه بتولون، حاول بعض منهم اقتحام مقر التجمهر، غير أن الشرطة منعتهم من ذلك، وأظهرت تسجيلات بثتها قنوات فرنسية مساء السبت رفض المشاركين لتصريحاته، وتفاخرت واحدة من الأقدام السوداء بما تركته فرنسا للجزائريين من سدود وطرقات وحوالي 200 بئر نفطي، وتساءلت كيف يمكن إنكار ذلك، فيما راحت مسنة تتباكى شعورا منها بالصدمة على ما صرح به. وتعرض ماكرون، أمس الأحد، لهجوم جديد من قبل مسؤول جمعية تدافع عن ذاكرة الحركى، ووصف محمد جعفر، رئيس جمعية أجيال الحركى، تصريحات ماكرون بأنها محاولة “لاسترجاع أصوات الناخبين الفرنسيين ذوي الأصول الجزائرية عبر تركيع الفرنسيين والحركى والمحاربين على وجه الخصوص”، واصفا وضع مرشح الرئاسيات الفرنسية بذلك الشخص الذي أطلق النار على قدمه، وبالخطأ الاستراتيجي على المستوى السياسي، ساخرا من توظيف مقولة الرئيس الأسبق شارل ديغول “لقد فهمتكم”، وقال رئيس جمعية أجيال الحركى: “سمعنا منه مقولة لقد فهمتكم؟ من فهم؟ هو لم يفهم المجتمع الفرنسي”. وحظيت مواقف ماكرون بدعم تيار قوي في المجتمع الفرنسي، حيث أظهر استطلاع للرأي أن نصف الفرنسيين يتفقون مع آراء المرشح المستقل لانتخابات الرئاسة، إيمانويل ماكرون، التي وصف فيها استعمار الجزائر بـ”الجريمة ضد الإنسانية”. وأيّد 51% من المشاركين في الاستطلاع رأي ماكرون، بخصوص استعمار الجزائر في الفترة من 1830 إلى 1962، بحسب مركز إيفوب الفرنسي لدراسات الرأي العام. فيما أبدى 49 بالمائة معارضتهم لها. وأظهر الاستطلاع الذي أجري لفائدة موقع “كل شيء عن الجزائر”، أن 85% من المشاركين الذين أعلنوا دعمهم لماكرون في الانتخابات، أكدوا أن تصريحات مرشحهم للرئاسة حول الاستعمار صحيحة. ومكنت تلك التصريحات من تسليط الأضواء الإعلامية والسياسية عليه، وخصصت يومية “فايننشال تايمز” البريطانية، مقالا ذكرت فيه “إن ماكرون مسّ أكثر المراحل حساسية في التاريخ الفرنسي في حواره مع صحيفة لوفيغارو، وقوله إن 132 عام من الاستعمار الفرنسي للجزائر شهدت “جرائم وأفعالا بربرية” التي ستصنف اليوم بوصفها “جرائم ضد الإنسانية”. وتضيف الصحيفة، إن ماكرون سبق أن دعا، في زيارته للجزائر في وقت سابق من هذا الأسبوع، فرنسا للاعتذار عن جرائم الماضي، وتابعت أن طرح موضوع الجزائر بدا الأكثر إثارة من المصرفي السابق البالغ من العمر 39 عاما، والذي يتقدم بوصفه مرشحا له حظ جيد في الوصول إلى سدة الرئاسة الفرنسية. هامون يدخل على الخط في سياق متصل، لم يستبعد مرشح الحزب الاشتراكي للانتخابات الرئاسية الفرنسية، فيليب هامون، الاعتذار لشعوب المستعمرات السابقة في حالة انتخابه رئيسا، لكن رفض توصيف ما جري في فترة الاحتلال الفرنسي بجرائم حرب، والذي نطق به منافسه إيمانويل ماكرون. وقال هامون، أمس، لحصة “لجنة التحكيم الكبرى” على قناتي “أل.س.ياي” و”أرتيال” الفرنسيتين “اعترض على استخدام مصطلح “جريمة ضد الإنسانية”. وأنه يرفض وصفها بهذا الشكل، لما يتركه ذلك من التباس، وخصوصا ما يتعلق باللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية وملاحقة فرنسيين أمامها، مضيفا “ذلك يعطي الانطباع أن ما تم على نفس القدر لمحرقة اليهود والإبادة الجماعية في رواندا، والإبادة الجماعية للأرمن”، مضيفا “لا أريد مرة أخرى الخوض في شكل من أشكال المنافسة حول الذاكرة”، غير أنه لم يستبعد تقديم اعتذار في حال انتخابه، وقال “سوف نرسل أسفنا لشعوب الجزائر وتونس والمغرب، وجميع البلدان التي عانت الاستعمار، ولكن أعتقد أن علينا أن ننظر في ماضينا وجها لوجه”، منتقدا تناقض أقوال ماكرون فهو “تحدث في كتاب له عن الآثار الإيجابية للاستعمار، وفي الجزائر يتحدث عن جرائم ضد الإنسانية”.

عن عبد الله

المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع الجزائر 48

شاهد أيضاً

مانشستر سيتى يهزم توتنهام ويتجه للحفاظ على لقب الدوري الإنجليزي

فاز فريق مانشستر سيتي ضد توتنهام بنتيجة 2-0 خلال فعاليات المباراة التي أقيمت بينهما مساء الثلاثاء على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *