الانتخابات التشريعية المسبقة في فرنسا تستنفر الجالية المسلمة

تسببت النتائج التي خلفتها الانتخابات البرلمانية الأوروبية، التي جرت الأحد 9 جوان 2024، والتي فاز بها حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، في حالة من الاستنفار لدى الجالية المسلمة في فرنسا، والتي يبدو أنها شعرت بحجم الخطر وراحت تتجند من أجل الوقوف في وجه هذا التيار خلال الانتخابات التشريعية المسبقة، التي دعا إليها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في الثلاثين من الشهر الجاري.
وبينما يتصاعد العداء للجالية المسلمة في فرنسا ولاسيما الجزائرية منها، من قبل زعماء ورموز حزب لوبان، الذين شرعوا في توجيه الرسائل للجهات المستهدفة، بدأ الطرف الآخر ممثلا في الجالية الجزائرية، في الاستعداد للاستحقاق التشريعي المرتقب نهاية الشهر الجاري، بحشد التجنيد لهزم خصمهم المتربص بهم.
وتحسبا لذلك، خرج عميد مسجد باريس الكبير، شمس الدين حفيز، في مقاله الأسبوعي على حساب المسجد على منصة “تويتر” سابقا و”إكس” حاليا بتحذيرات شديدة لأبناء الجالية الجزائرية والمسلمين عموما في فرنسا، يدعوهم بشكل مباشر وبدون مواربة، إلى قطع الطريق على حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، في الانتخابات التشريعية المسبقة، التي ستنظم على بعد نحو ثلاثة أسابيع من الآن.
وكتب شمس الدين حفيز: “.. ومع اضطلاعي بدوري كعنصر فاعل في المجتمع المدني، أوجه نداءً رسميًا إلى جميع المساجد التابعة لاتحاد المسجد الكبير في باريس وخارجه أنه لا بد من توعية المؤمنين بالمخاطر المحدقة التي تنتظر أمتنا وتشجيع الذين لجؤوا إلى الامتناع عن التصويت على القيام بدور فعال في اختيار المجتمع الذي يريدونه للغد: مجتمع أخوي ومساو ورحيم لجميع أبنائه”.
ورغم أن الجاليات المسلمة في فرنسا توجد في جيلها الرابع تقريبا، وقد أصبحت فرنسية كغيرها من أبناء فرنسا، إلا أن حزب مارين لوبان، لا يزال ينظر إليها على أن أبناء هذه الجالية مواطنون فرنسيون من الدرجة الثانية، ولا يتردد في المطالبة بترحيلهم بسبب أو بدونه.
وبرأي عميد مسجد باريس، فإن “أماكن العبادة كانت دائمًا معاقل للتأمل والحكمة والتوجيه الأخلاقي. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، يجب عليهم التعبئة لتذكير كل المؤمنين بأهمية صوتهم والتزامهم المدني. إن الحياد في هذه الأوقات الحرجة ليس خيارا؛ ومن واجبنا أن نساهم في بناء مجتمع يستطيع فيه كل فرد، بغض النظر عن عقيدته أو أصله أو حالته الاجتماعية، أن يعيش بكرامة وسلام”.
وسبق لشمس الدين حفيز أن جمع في أفريل المنصرم العديد من الوجوه البارزة في الجالية المسلمة من أصول جزائرية في مأدبة عشاء، وكان النقاش سياسيا بالدرجة الأولى، ولم يلبث أن حذر بعد ذلك من مخاطر سيطرة اليمين المتطرف في مقال له، على مقاليد السلطة في باريس، غير أن ذلك لم يحل دون وقوع الكارثة في التاسع من الشهر الجاري، عندما سيطر حزب “الجبهة الوطنية” سابقا، على غالبية المقاعد.
غير أن التحذير هذه المرة كان أكثر شدة، مستحضرا مخاطر سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة التي تدير شؤون الفرنسيين اليومية، ولذلك حث “الأئمة والزعماء الدينيين على استخدام منبرهم لرفع مستوى الوعي”، ودعاهم إلى “تقديم الشرح للمؤمنين بأن الامتناع ليس حيادًا، بل تنازل عن سلطتهم ومسؤوليتهم، وأن تقاعسهم عن العمل يمكن أن يسمح في نهاية المطاف لقوى الانقسام والكراهية بالسيطرة على قلب جمهوريتنا”.
ولن تتحقق هزيمة حزب مارين لوبان المشحون بالكراهية تجاه المسلمين، “إلا من خلال المشاركة النشطة والمستنيرة”، وهذا يتطلب والعبارة لشمس الدين حفيز، “أن تصبح مساجدنا مراكز للمقاومة السلمية ضد كافة أشكال التطرف والتمييز، من خلال تشجيع الحوار والتضامن ومشاركة المواطنين”.
ويضيف: “علينا أن نكافح معًا ضد اللامبالاة والاستسلام. ويمكن لكل واحد منا، من خلال تصويته، ومن خلال التزامه، أن يساهم في إقامة مجتمع أكثر عدالة وإنسانية”، مشددا على ضرورة “العمل والتعبئة ورفع مستوى الوعي. والاعتقاد بأن كل صوت مهم، وأن يشعر كل مواطن بأنه مستثمر في مهمة الدفاع عن القيم الجمهورية، وأن تظل فرنسا أمة يسود فيها السلام والعدالة والأخوة لجميع أبنائها”.
ويمول مسجد باريس من الجزائر، التي تعين عميده، وهو ما يعني أن المواقف التي يعبر عنها شمس الدين حفيز لا تخرج من نطاق السياسة الخارجية للجزائر، علما أن توقيت نشر المقال جاء في اليوم ذاته الذي استقبل فيه عميد مسجد باريس من قبل الرئيس عبد المجيد تبون.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post الانتخابات التشريعية المسبقة في فرنسا تستنفر الجالية المسلمة appeared first on الشروق أونلاين.


Source link

عن عبد الله

المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع الجزائر 48

شاهد أيضاً

بالفيديو.. أكثر من 1.5 مليون حاج يتوجهون إلى منى لقضاء يوم التروية

أعلنت السلطات السعودية، صباح الجمعة، توجه أزيد من 1.5 مليون حاج إلى مشعر منى، استعدادا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *