الانتخابات الأوروبية… غزة في قلب الحملة الانتخابية لحزب ”فرنسا الأبية”

قرر حزب “فرنسا الأبية” اليساري الذي يتزعمه جان لوك ميلنشون وضع الناشطة والمحامية الفرنسية من أصل فلسطيني ريما حسن في المرتبة السابعة ضمن قائمة المرشحين الذين سيمثلونه بالانتخابات الأوروبية التي ستنظم في يونيو/حزيران المقبل. وبقيامه بذلك، يكون الحزب قد فرض ولو بشكل غير مباشر موضوع الحرب في غزة بالحملة الانتخابية، على الرغم من أن هذا القرار قد يطغى على مرشحته الرئيسية مانو أوبري التي تتصدر القائمة وتقود المعركة الانتخابية.

ذهبت مانو أوبري الإثنين الماضي في زيارة ميدانية إلى مدينة أميان (شمال فرنسا) برفقة زميلها فرانسوا روفان وبالتحديد إلى مصنع “ميتكس” المهدد بالإغلاق بسبب المشاكل المالية التي يعاني منها.

وخصصت أوبري هذه الزيارة للحديث عن المواضيع الاجتماعية التي تمس الفرنسيين. فيما شاركت مساء نفس اليوم في تجمع انتخابي بنفس المدينة برفقة منتخبين محليين من حزب “فرنسا الأبية”، مثل النائبة الأوروبية مارينا ميزور، والمفتش السابق للعمل أنتوني سميث الذي قرر خوض غمار الانتخابات الأوروبية المقبلة.

وشكلت هذه الزيارة فرصة سانحة للتبادل والحديث عن مواضيع أخرى ومهمة غير موضوع غزة الذي أصبح متداولا بكثرة من قبل زعيم “فرنسا الأبية” جان لوك ميلنشون والناشطة ريما حسن. ما أدى إلى تراجع دور مانو أوبري، التي تقود حملة الانتخابات الأوروبية باسم حزب “فرنسا الأبية”.

ريما حسن الناشطة الواعدة في “فرنسا الأبية”

هذا، وقرر المكلفون برسم الاستراتيجية السياسية لدى حزب “فرنسا الأبية” إعطاء الأولوية لموضوع غزة والحديث عنه في جميع المناسبات والمهرجانات الانتخابية.

اقرأ أيضامعجم الانتخابات الأوروبية ومصطلحاتها الأكثر شيوعا

إضافة إلى ذلك، قرر حزب “فرنسا الأبية” ترشيح الناشطة الفرنسية من أصول فلسطينية ريما حسن لخوض غمار الانتخابات الأوروبية مع تصنيفها في المرتبة السابعة ضمن قائمة مرشحي الحزب.

هذه الشابة الصاعدة (32 عاما) والمتخصصة في القانون الدولي سبق وأن عملت بالوكالة الفرنسية لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (Ofpra) والمحكمة الوطنية لحق اللجوء، كما أسست أيضا منظمة غير حكومية تدعى “مرصد مخيمات اللاجئين”.


زعيم حزب “فرنسا الأبية” جان-لوك ميلنشون خلال تجمع خطابي. © أ ف ب

وترى كليمونس غيته، النائبة عن حزب “فرنسا الأبية” ومنسقة برنامجه أن هذه “الاستراتيجية (أي الحديث بإفراط عن الوضع في غزة) مبررة لأن موضوع غزة تحول إلى رهان أوروبي”.

وقالت في حوار أجرته مع إذاعة فرنسية: “يمكن للاتحاد الأوروبي تعليق اتفاق الشراكة الذي يربطه مع إسرائيل. إنه تحدي دبلوماسي وأوروبي”.

وتابعت: “لم نحول هذا الموضوع إلى تحد انتخابي. إنه طارئ إنساني”، مشيرة في نفس الوقت إلى أن: “صوت ريما حسن له أهمية كبيرة بالنسبة لنا ونريد أيضا أن نوصل صوت السلام إلى العالم”.

هذا، ويدعم حزب “فرنسا الأبية” واليسار الفرنسي بشكل عام القضية الفلسطينية منذ وقت طويل. فلا يمكن اتهام حزب جان لوك ميلنشون بأنه يركب على الموجة ويستغل هذه القضية لتحقيق أهداف سياسية وانتخابية محددة وفق بعض المحللين الفرنسيين.

لكن على الرغم من ذلك وضع ريما حسن في المرتبة السابعة على قائمة المرشحين  للانتخابات الأوروبية قد يسمح لحزب “فرنسا الأبية” بالمزج بين التزاماته السياسية واستراتيجيته الانتخابية.

اقرأ أيضاالانتخابات الأوروبية في مرمى نيران التدخل الأجنبي المستمر

ووراء هذا الخيار يسعى حزب “فرنسا الأبية” إلى جذب أصوات الذين صوتوا لصالح ميلنشون خلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية الماضية، وفي مقدمتهم سكان الضواحي والذين لديهم أصول أجنبية وفئة الشباب التي اعتادت أن تشارك بكثافة في الانتخابات الرئاسية لكنها تغيب في الانتخابات الأوروبية.

وفي هذا الشأن، قال طه بوحفص، وهو ناشط سياسي مقرب من حزب “فرنسا الأبية” إن “عرب فرنسا يدافعون عن القضية الفلسطينية أكثر مما يدافعون عن مصالحهم الاجتماعية وعن ظروفهم المعيشية. لذا ندرك جيدا أنه عندما يتحدث السياسيون عن الفلسطينيين فإنهم في الحقيقة يتحدثون عنا كعرب، خاصة في ظل الجو العنصري الذي طغى على الحوار في فرنسا”.

تعبئة الشباب من أجل غزة

أما النائب إيريك كوكريل من “فرنسا الأبية” فيرى بأن “الناخبين الذين يسكنون في الأحياء الشعبية يهتمون ويتابعون حملتنا الانتخابية لأنهم يولون أهمية بالغة للقضية الفلسطينية بشكل خاص وقضايا استعمارية أخرى بشكل عام”.

وإلى ذلك، أظهرت التعبئة الطلابية المنددة بالعمليات العسكرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في غزة أن القضية الفلسطينية لا تزال من بين أبرز القضايا التي يدافع عنها الطلاب. ما جعل ريما حسن تعبر على مواقع التواصل الاجتماعي عن مساندتها لجميع الاحتجاجات والمظاهرات التي تندد وتنتقد الهجمات الإسرائيلية.

ريما حسن، مؤسسة مرصد مخيمات اللاجئين في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 في باريس.
ريما حسن، مؤسسة مرصد مخيمات اللاجئين في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 في باريس. © أ ف ب/ أرشيف

وعلى الرغم من أن موقف أحزاب اليسار الأخرى تتشابه مع موقف حزب “فرنسا الأبية” فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، باستثناء استخدام مصطلح “الإبادة” الذي يستخدمه حزب جان لوك ميلنشون، إلا أن “فرنسا الأبية” هي التي حصدت الدعم الأكبر من قبل مناضلي اليسار وسكان الضواحي في هذا المجال.

وقال النائب البرلماني إيريك كوكريل في هذا الشأن: “سنرى نتائج هذا الدعم الذي نحظى به في 9 يونيو/حزيران المقبل. وفي انتظار ذلك، تشير استطلاعات الرأي أننا سنفوز بنسبة 6 أو 6,5 بالمئة من المقاعد هذه المرة”.

لكن يجدر القول بأن هذه الاستراتيجية هي بمثابة سيف ذي حدين. بمعنى أن ريما حسن لديها مساندون كثر ومناضلون من اليسار يمكن أن يصوتوا لصالح حزب “فرنسا الأبية” الشهر المقبل، لكن في نفس الوقت هناك أيضا من ينتقدها. على غرار الإعلامي فرانك تابيرو الذي نشر شريط فيديو على موقع إكس (تويتر سابقا) ينتقد فيه الناشطة الفرنسية الفلسطينية.

اقرأ أيضاما هي أهم القوانين التي أقرها البرلمان الأوروبي في ولايته الأخيرة قبل الانتخابات المفصلية المقبلة؟

نواب آخرون من حزب “فرنسا الأبية” أمثال إيمريك كارون وتوما بورت ودافيد غيرو ودانييل أوبونو تعرضوا هم أيضا إلى الانتقادات وإلى الشتم والإهانة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي بسبب البيان الذي نشره الحزب غداة مقتل 1200 إسرائيلي إثر هجوم حركة حماس.

ففي هذا البيان، رفض حزب “فرنسا الأبية” استخدام كلمة “إرهاب” لوصف الهجمات التي نفذتها حماس. كما رفض أيضا وصف حماس بـ”المنظمة الإرهابية”. بل بالعكس قام بالتنديد في نفس البيان “بتكثيف إسرائيل لسياستها الاستيطانية في كل من غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية”.

اتهام جان لوك ميلنشون بـ”المبالغة” في تصريحاته

لقد تم توجيه أصابع الاتهام لريما حسن بحجة أنها تريد “تدمير” إسرائيل وبأنها دعت طلاب معهد العلوم السياسية إلى الاحتجاج تضامنا مع الفلسطينيين. كما اتهم أيضا إيمانويل بومبار، وهو نائب آخر من نفس الحزب بالدعوة إلى تنظيم “انتفاضة” جديدة.

وردا على هذه الاتهامات، أكدت ريما حسن في 29 أبريل/نيسان الماضي على القناة الفرنسية الثانية بأنها “تقضي جل وقتها من أجل التعليق على الكسل الفكري الذي أصاب بعض الناس (من بينهم صحافيون وسياسيون) عوضا عن الحديث عن مواضيع مهمة أخرى”.

وعلى الرغم من مرور 7 أشهر على هجوم حماس، إلا أن الخلافات لا تزال قائمة بين جان لوك ميلنشون وشركائه السياسيين، سواء كانوا في الحزب الاشتراكي أو في حزب الخضر وذلك بسبب بعض تصريحاته والانتقادات التي يوجهها لهم.

وتم انتقاد ميلنشون بسب التصريحات التي أدلى بها في 18 أبريل/نيسان الماضي والتي شبه فيها رئيس جامعة مدينة ليل بـ”النازي أدولف أيشمان” بعد أن منعه من تنظيم محاضرة حول فلسطين داخل الجامعة بمشاركة الناشطة السياسية ريما حسن.

ولم يكتف ميلنشون بانتقاد رئيس جامعة مدينة ليل فقط، بل انتقد أيضا الاشتراكي جيروم غيج بمجرد أنه طرح أسئلة حول الجمعية الطلابية التي كانت من المفروض أن تنظم المحاضرة في جامعة ليل. هذه الجمعية تدعى “فلسطين حرة” وتحمل شعارا تظهر عليه خريطة إسرائيل والأراضي الفلسطينية في نفس الوقت بدون حدود بينهما. ووصف ميلنشون جيروم غيج بـ”الجبان” و”المخبر”.

لكن كل هذه المناوشات السياسية والحزبية والتصريحات المعادية والانتقادات طغت على الحملة الانتخابية التي تقوم بها مانو أوبري التي تقود قائمة مرشحي حزب “فرنسا الأبية” في الانتخابات الأوروبية والتي أصبحت تواجه عقبات كثيرة لكي تبرز على الساحة السياسية.

ولتسليط الضوء عليها، اتهمت في تغريدة على موقع إكس بعض زملائها في البرلمان الأوروبي، على غرار الاشتراكي رافاييل غلوكسمان واليميني اكزافييه بلامي وفاليري هايير بتقاضي أموال باهظة من بعض اللوبيات. لكنها لم تكشف عنها.


Source link

عن عبد الله

المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع الجزائر 48

شاهد أيضاً

المؤتمر القومي العربي يهاجم المخزن بسبب العدوان على غزة

أدانت اللجنة التنفيذية للمؤتمر القومي العربي، استقبال المغرب لسفينة حربية تابعة لجيش الاحتلال الصهيوني، بموانئه، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *