اتهم العضو المؤسس في حركة “رشاد” الجزائرية المعارضة الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت السلطات الرسمية في الجزائر بالتخاذل في التعاطي مع المواجهات التي اندلعت فجر اليوم الاربعاء (8|7) مجددا في منطقة القرارة بمدينة غرداية الواقعة على بعد 650 كلم جنوب الجزائر العاصمة، واعتبر ذلك أمرا مقصودا قال بأن “السلطات تهدف من خلاله تخويف المواطنين من المطالبة بأي تغيير”.
وأوضح زيتوت في تصريحات خاصة لـ “قدس برس”، أن الصراع الدائر في منطقة غرداية الواقعة في قلب الصحراء الجزائرية، وبالقرب من حقل حاسي الرمل وهو أحد أهم الحقول النفطية ليس في الجزائر وإنما في العالم، وأيضا بالقرب من حقل حاسي مسعود، أكبر الحقول النفطية الصناعية في الجزائر، ليس حديثا، بين العرب والأمازيغ، أو بين المالكية والإباضية، وإنما يعود إلى عام 2008، لكنه قال: “بلدة القرارة هي بلدة صغيرة يسكنها، مناصفة تقريبا، حوالي 60 الف من “العرب” و”بني ميزاب”.
وتشهد، منطقة غرداية منذ آذار (مارس) 2008، أعمال عنف متبادل بين الطرفين، وقد تعددت الأسباب الظاهرة ولكن الواقع أن بعض أطراف الحكم أرادت للصراع أن يتعاظم ويكبر وللدماء أن تتدفق بغزارة، حتى لا يمكن للكسر أن يجبر مرة أخرى.
وإلا كيف يمكن لمنطقة يقل عدد سكانها عن 300 ألف شخص، وكانت قد أخضعت لحكم العسكر مباشرة قبل أكثر من عام، وحيث يتواجد أكثر من 15 ألف عنصر أمن منهم 8 ألاف شرطي والباقي درك وجيش ناهيك عن مئات من عناصر المخابرات وآلاف آخرين من مخبرين مدنيين، ومع ذلك تفشل الدولة في وقف هذا التناحر والتقاتل؟ أين “الجيش القوي والرئيس الواقف” على حد قول سلال؟”.
ورأى زيتوت أن الذين يغذون حرب الإخوة الأعداء في غرداية هم، خمسة أصناف: صنف محلي، من المتنطعين من العرب والمتنطعين من بني ميزاب، والذين تشبعوا بالكراهية المتبادلة عبر السنين.
كراهية نسجها الجهلاء والسفهاء و يغذيها الجهل والخوف من الطرف الآخر.
وصنف غير محلي، يعمق الكراهية بين الطرفين فيصف، كذبا وزورا، الإباضيين بأنهم خوارج وفرقة ضالة وعملاء فرنسا وفي مقابله عنصريون، يكرهون كل ما هو عربي، فيصفون المنحدرين من قبائل عربية بأنهم أعراب متخلفون وهابيون وغزاة.
هذان الصنفان يتلاعب بهما، الصنف الثالث، وهم خليط من العصابات فيها تجار المخدرات، ومنهم ناهبي الأراضي والأموال، ومسوؤلين فاسدين ومرتشين في الإدارة والقضاء والبوليس والجيش، هي عصابات تجد حالها أفضل، وتجارتها أكثر رواجا، وقد إنشغل أهل البلاد بالصراع فيما بينهم”.
وأضاف زيتوت: “الصنف الأجرم، جماعات الحكم، التي ترسل رسالة إلى كل الجزائريين، مفادها لو يسقط النظام، فستأكلون بعضكم البعض في كل الجزائر وأنظروا، لمثال مصغر، أنظروا لما يحدث في غرداية، إما نحن و إما الطوفان.
هذه الأصناف الأربع، تتفاعل فيما بينها وتتغذى من تصرفات بعضها البعض، فتستفيد من فوضى تعم المنطقة وقد نشرت الخوف و عمقت الكراهية والصراع بين المستضعفين، الذين لا تنهب أرزاقهم فقط ولكن يعيشون في رعب متعاظم من بعضهم البعض أيضا”.
أما الصنف الخامس ـ برأي زيتوت ـ فهو خارجي، قال عنه: “صنف خامس، هو دول كبرى، تتربص وإن كانت لا تتدخل الآن إلا قليلا، فهي تنتظر الفرصة لكي تتدخل، لحماية العرب وبني ميزاب من التناحر، بعد أن فشلت دولتهم في ذلك، كما تحمي سكان إفريقيا الوسطى اليوم من ذبح بعضهم البعض، أو كما حمت الروانديين من قبل عشرين عام من سلخ بعضهم البعض، على سبيل المثال.
وإذا علمنا أن منطقة غرداية تتوسط كنوز الجزائر من الطاقة فالأمر سيتضح بشكل أكبر، فعلى شمال المنطقة يوجد حاسي الرمل أحد أهم حقول الغاز في العالم، وفي جنوب المنطقة يقع حاسي مسعود قلب البترول الجزائري، ويقطع الطريق الوطني رقم1، الذي يربط الشمال بالجنوب منطقة غرداية التي تعد البوابة الرئيسية للصحراء الجزائرية الكبرى ومنها لإفريقيا”.
وأشار زيتوت إلى أن الصراع في غرداية جزء من مظاهر تآكل الدولة في الجزائر، وقال: “في نهاية المطاف، فإن الدولة التي تآكلت بسبب الفساد والمفسدين قد أصبحت هي أيضا ضحية، وقد فشلت في واحدة من أهم مسؤولياتها وهي حفظ أمن سكانها وبذلك تزيد من إضعاف الوطن والمجتمع على حد سواء.
إنها دولة تسير في طريق الفشل”.
ودعا زيتوت إلى تحكيم العقل حقنا لدماء الجزائريين في منطقة غرداية، وقال: “إن أي صراع ذو بعد عرقي أو ديني أو طائفي لا حل له إلا العقل المستنير والمستقيم، الذي ينظر للآخر على أنه إنسان مثله قبل كل شيء، حتى وإن إختلف معه في اللون أو اللسان أو المذهب أو الدين.
وإذا كان هذا العقل ينهل من الإسلام الصحيح، فسيجد الحل بسهولة أكبر ويسر أعظم، لأنه يؤمن، إيمانا عميقا وخالصا، أن لا فرق بين عربي و أعجمي ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى، والتقوى محلها القلب الذي لا يعرف حقيقته إلا الله”، على حد تعبيره.
المصدر: محمد زيتوت